جاء علاج السرطان بالخلايا التائية (CAR-T cells) ليكسر القوالب المظلمة المرتبطة بهذا المرض، ويعيد تعريف تجربة علاج السرطان.
والعلاج بالخلايا التائية هو أسلوب متطور يستخدم الجهاز المناعي للمريض نفسه لمحاربة السرطان بدقة وفعالية، وعلى عكس العلاج الكيميائي الذي يؤثر في الخلايا السليمة ويسبب آثاراً جانبية قاسية، يستهدف هذا العلاج الخلايا السرطانية فقط، ما يخفف من المعاناة الجسدية والنفسية للمرضى، يقدم لهم أملاً جديداً، ليس فقط في النجاة من السرطان، بل في العيش بجودة حياة عالية، وصحة نفسية مستقرة، إنها ثورة طبية بدأت، ويبدو أنها ستعيد تعريف معنى «الشفا» في عالم السرطان، إضافة إلى خفض كلفة العلاج في المنطقة بنسب تصل إلى 90% وهو الأمر الذي أسهم في مضاعفة الأمل لملايين المرضى.
وتشير دراسات حديثة إلى أن مرضى أنواع معينة من السرطان، مثل اللوكيميا واللمفوما قد حققوا معدلات شفاء مذهلة باستخدام هذا العلاج، وبعكس العلاج الكيميائي الذي يسبب تساقط الشعر، الغثيان، والتعب الشديد، فإن الخلايا التائية تترك المرضى في حالة صحية أفضل وتمكنهم من استعادة حياتهم اليومية بسرعة.
يقول الدكتور عجلان الزاكي، مدير مركز أمراض الدم والأورام والعلاج الخلوي في مستشفى برجيل أبوظبي: إن «إحدى أعظم فوائد العلاج بالخلايا التائية هو تحسين الحالة النفسية للمرضى. عدم الحاجة للإقامة الطويلة في المستشفى، وتقليل الألم والمعاناة الجسدية، يمنح المريض شعوراً بالسيطرة على المرض، وهو ما ينعكس مباشرة على حالته النفسية». ويشير الدكتور عجلان إلى أن مقابلات مع مرضى خضعوا لهذا العلاج أظهروا تحسناً كبيراً في مستويات القلق والاكتئاب مقارنة بمن تلقوا العلاج الكيميائي بعد جلسات العلاج بالخلايا التائية، وعبروا عن استعادتهم الحياة الطبيعية والقدرة على العمل والسفر والضحك مجدداً، حيث لا يتطلب العلاج جدولاً مرهقاً من الجلسات المستمرة، ما يمنح المرضى وقتاً أكبر لأنشطتهم اليومية.
ومن جانبه أكد الدكتور ياسر الخطيب، استشاري طب الأورام في مركز أمراض الدم والأورام والعلاج الخلوي في مستشفى برجيل أبوظبي، أن العلاج بالخلايا التائية لا يغير فقط شكل المعركة مع السرطان، بل يعيد تشكيل الوعي الجمعي تجاهه، ويفتح أبواباً جديدة للأمل، خاصة للنساء اللواتي تحمّلن لعقود وصمة الألم المرتبطة بالمرض، إنه أكثر من مجرد علاج، بل بداية لتحرير المرأة من الخوف ومن الصور النمطية التي لطالما طغت على رحلتها في الشفاء، مضيفاً «بالنسبة للعديد من النساء، كان فقدان الشعر، تغيّر ملامح الجسم، والإرهاق المستمر يمثل فقداناً للأنوثة والثقة بالنفس، وأن هذا التحوّل يساعد النساء على الاحتفاظ بإحساسهن بالهوية والكرامة خلال فترة العلاج، ويقلل من الآثار النفسية طويلة المدى، مثل الاكتئاب والعزلة الاجتماعية».
0 تعليق