يوفّر معرض بازل للفنون الذي يفتح أبوابه أمام الجمهور، الخميس، بعدما خصّص يومين ونصف يوم لهواة الجمع لمعينة لوحات بملايين الدولارات، فرصة لجسّ نبض سوق الفن المعاصر التي تأثرت سلباً بحال عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي.
منذ الأسبوع الماضي وحتى قبل بدء المعرض، بدأ التداول بأسعار مرتفعة؛ إذ يعتزم معرض «بايس» في نيويورك طرح لوحة لبابلو بيكاسو بـ 30 مليون دولار. ويأمل المعرض في العثور على مشترٍ لعملٍ للرسامة الأمريكية جوان ميتشل، يتراوح سعره بين 15 و20 مليون دولار، متجاهلاً تباطؤ الطلب الذي شهدته مزادات الربيع في نيويورك حديثاً.
ويُعدّ معرض بازل حدثاً فريداً من نوعه في عالم الفن. سنوياً، يتوافد القائمون على المعارض والفنانون وهواة الجمع الأثرياء إلى بازل؛ للمشاركة في هذا الحدث الكبير الذي دائماً ما يُحقق عمليات بيع ضخمة. وفي عام 2022، وفي خضم ازدهار سوق الفن، بيعت منحوتة للفنانة الفرنسية الأمريكية لويز بورجوا مقابل 40 مليون دولار. وفي العام التالي، بيعت منحوتة أخرى لها بمبلغ 22,5 مليون دولار، بينما بيعت لوحة لجوان ميتشل لقاء 20 مليون دولار سنة 2024.
وتُقام دورة 2025 التي تجمع 289 معرضاً من نحو 40 دولة، في ظل ظروف أقل ازدهارا. فعلى الرغم من تحقيق مبيعات تجاوزت 800 ألف دولار في العام الماضي، شهدت سوق الفن ككل انخفاضاً ملحوظاً في عائداتها.
وبحسب تقرير أعدته شركة «آرتس إيكونوميكس» وبنك «يو بي إس» السويسري لصالح معرض بازل للفنون، انخفضت مبيعات سوق الفن بنسبة 12% في عام 2024، لتصل إلى 57,5 مليار دولار، بعد عامين من النمو القوي في 2021 و2022. ومع ذلك، أظهرت السوق أولى علامات التباطؤ في وقت مبكر من عام 2023. وأثر هذا الانخفاض بشكل رئيسي في دور المزادات؛ إذ تراجعت المبيعات بنسبة 20% لتصل إلى 23,4 مليار دولار، فيما انخفضت مبيعات المعارض الفنية بنسبة 6% لتصل إلى 34,1 مليار دولار.
في العام الماضي تأثر الطلب سلباً بحالة عدم اليقين التي كانت محيطة بعمليات انتخابية كثيرة، مما فاقم حالة الإرباك الاقتصادي وأثّر تحديداً في الفئات الأعلى سعراً، لا سيما الأعمال التي تزيد أسعارها عن 10 ملايين دولار، بحسب التقرير.
في تصنيف لأكثر الفنانين المعاصرين الذين تدرّ مبيعات أعمالهم أموالاً في المزادات، تلاحظ شركة «هيسكوكس» للتأمين انخفاضاً في الطلب على الأعمال الحديثة. وفي عام 2024، ستنخفض قيمة مبيعات الأعمال الفنية المُنجزة بعد عام 2000 بنسبة 27%، مع تفضيل هواة الجمع الأعمال القديمة لفنانين مرموقين.
وقالت جولي هيوز، المسؤولة عن سوق الفن في شركة «هيسكوكس»، عبر وكالة فرانس برس: «هناك توجّه نحو الأصول الآمنة، وإعادة التموضع نحو أصول تبعث أكثر بالثقة»، مشيرة إلى أنّ هواة الجمع يفضلون بشكل متزايد الأعمال التي يكونون أكثر ثقة بقيمة استثماراتهم فيها، على حساب الفنانين الشباب.
وتشير إلى «وجود حالة من الترقب والانتظار»، لا سيما مع تزايد حالة عدم اليقين منذ بداية عام 2025، في ظل التوترات الجيوسياسية والتقلبات المحيطة بالرسوم الجمركية الأمريكية. وتقول: «حالياً، هناك عدد أقل من المعاملات لأنّ الجميع ينتظرون ماذا سيحدث».
لذلك، سيتابع الخبراء في سوق الفن هذا المعرض من كثب، مع أنه يُعتبر مقياساً غير دقيق. ونظراً إلى جودة القطع المعروضة فيه، لا تزال عمليات البيع الكبرى تُجرى فيه حتى عندما يضعف باقي السوق. ودائماً ما تعرض الصالات أروع أعمالها تحديداً في قسم يحمل اسم «أنليميتيد» (غير محدود)، يضمّ أعمالاً فنية ضخمة، مما يُضفي على المعرض طابعاً شبيهاً بالمتحف.
ويستقبل المعرض في البداية كبار جامعي الأعمال الفنية، ثمّ يفتح أبوابه للعامّة بين 19 و22 يونيو/حزيران الجاري. وفي العام الماضي، زار المعرض 91 ألف شخص.
0 تعليق