تقررت تعبئة أكثر من 700 من مشاة البحرية الأمريكية (المارينز) المتمركزين في مركز القتال الجوي والبري التابع لقوات المارينز في كاليفورنيا، للمشاركة في التعامل مع الاحتجاجات التي تشهدها مدينة لوس أنجلوس.
وينضم هؤلاء الجنود إلى آلاف من عناصر الحرس الوطني الذين فعّلهم الرئيس دونالد ترامب نهاية الأسبوع، دون الحصول على موافقة حاكم ولاية كاليفورنيا أو عمدة لوس أنجلوس.
وتُعد تعبئة كتيبة كاملة من المارينز تصعيداً كبيراً في استخدام ترامب للقوات المسلحة كعرض للقوة ضد المحتجين، ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما هي المهام الدقيقة التي سيُكلف بها الجنود عند وصولهم إلى لوس أنجلوس، وفقاً لما نقلته شبكة CNN عن مصادر مطلعة.
وكما هي الحال بالنسبة لعناصر الحرس الوطني، فإن المارينز ممنوعون من تنفيذ مهام إنفاذ القانون مثل القيام باعتقالات، إلا إذا قام الرئيس بتفعيل «قانون التمرد» (Insurrection Act)، وهو القانون الذي يسمح لرئيس الولايات المتحدة باستخدام الجيش لإنهاء تمرد أو عصيان ضد السلطة الفيدرالية.
المارينز يصلون إلى المدينة وسط احتجاجات واتهامات بتجاوز الدستور
بحسب ما أعلنته القيادة الشمالية الأمريكية (US Northern Command)، فإن قوات المارينز التي تم تفعيلها تنتمي إلى الكتيبة الثانية، من فوج المارينز السابع، التابع للفرقة الأولى لمشاة البحرية. ويُظهر هذا التحرك أن نشر المارينز يتم في إطار خطة دعم أوسع تقودها جهات فيدرالية للتعامل مع الوضع الميداني، وسط احتجاجات واسعة النطاق.
وقال أحد المطلعين على تعبئة قوات المارينز إنهم سيدعمون وجود الحرس الوطني المنتشر على الأرض في لوس أنجلوس.
وبحسب بيان صادر عن القيادة الشمالية الأمريكية (NORTHCOM)، فإنه يوجد حالياً حوالي 1,700 من عناصر الحرس الوطني يعملون في منطقة لوس أنجلوس الكبرى، وذلك بعد مذكرة أصدرها الرئيس دونالد ترامب يوم السبت أمر فيها بنشر 2,000 عنصر عسكري.
وفي مساء الاثنين، أعلن البنتاغون أن ترامب أمر بنشر دفعة إضافية قوامها 2,000 من عناصر الحرس الوطني.
حاكم كاليفورنيا يصف القرار بأنه تهور سياسي ويتوعد بالمواجهة القانونية
رغم أن بعض وحدات المارينز سبق أن شاركت في دعم الأمن على الحدود الجنوبية، فقد أشار مسؤول أمريكي إلى أن مشاة البحرية لم تتم تعبئتهم داخل الولايات المتحدة بهذا الشكل منذ اضطرابات لوس أنجلوس عام 1992.
ولم يتم الإعلان رسمياً حتى الآن عن المهام المحددة لقوات المارينز، إلا أنها قد تشمل السيطرة على الحشود أو تأمين المحيط الخارجي للمواقع الحساسة. كما يعمل محامو وزارة الدفاع حالياً على صياغة قواعد استخدام القوة الخاصة بهذه القوات، ومن المتوقع أن تشبه القواعد المعمول بها حالياً في الجيش الأمريكي.
من جهته، وصف حاكم ولاية كاليفورنيا، غافين نيوسوم، تدخل قوات المارينز بأنه «غير مبرر» و«غير مسبوق»، قائلاً في بيان: «مستوى التصعيد هذا غير مبرر إطلاقاً، ولا يمكن تبريره، وغير مسبوق، تعبئة أفضل فروع الجيش الأمريكي ضد مواطنيه».
كما رفض نيوسوم استخدام مصطلح «نشر القوات» (deployment) في وصف الوضع، قائلاً: إن التعبئة تختلف من حيث الدلالة القانونية والعسكرية.
لكن القيادة الشمالية الأمريكية (NORTHCOM) أكدت في بيانها أن قوات المارينز ستندمج بسلاسة مع قوات الحرس الوطني لحماية الأفراد والممتلكات الفيدرالية في منطقة لوس أنجلوس الكبرى.
البيت الأبيض يبرر التدخل العسكري بحماية الأمن القومي.. فهل هناك تهديد حقيقي؟
في وقت لاحق من اجتماع البيت الأبيض أمس، قال ترامب إنه لم يتخذ بعد قراراً نهائياً بشأن إرسال مشاة البحرية، موضحاً: «سنرى ما سيحدث».
وأضاف: «أعتقد أننا نسيطر جيداً على الوضع، ولكان وضعاً سيئاً للغاية لولا تدخلنا، كان يسير في الاتجاه الخاطئ، لكنه الآن يسير في الاتجاه الصحيح».
وتابع: «لو لم نتدخل، ولو لم نجلب الحرس، وكنا سنجلب المزيد إذا لزم الأمر، لأن علينا أن نضمن فرض القانون والنظام، لحدثت كارثة.. كانوا غارقين، ورأيتم ما كان يحدث».
وأضاف خلال اجتماع في البيت الأبيض: «من حسن حظ سكان لوس أنجلوس وكاليفورنيا أننا فعلنا ما فعلناه، تدخّلنا في اللحظة المناسبة، الأمور لا تزال مشتعلة قليلاً، لكن ليس كثيراً».
وانتقد عدد من قدامى العسكريين قرار ترامب، محذّرين من أنه قد يؤدي إلى تسييس الجيش الأمريكي الذي يفترض أن يبقى محايداً سياسياً، خصوصاً أن الاحتجاجات لا تصل لمرحلة تهديد الأمن القومي.
وقال اللواء بول إيتون لصحيفة The Guardian: «تدخل القوات المسلحة وتحويلها إلى أداة مرفوض، هذا يُظهر الجيش في صورة سيئة للغاية، كأنه الفارس على حصانه، الذي لا يرغب في أن يكون هناك، واقفاً في وجه المواطنين».
احتجاجات تتحول إلى مواجهات عنيفة بعد نشر القوات.. ما الأسباب؟
أسفرت الاحتجاجات حتى الآن عن اعتقال العشرات وحدوث بعض الأضرار بالممتلكات.
وقالت مارزيتا سيراتو، 42 عاماً، وهي مهاجرة من الجيل الأول ووالداها من المكسيك وهندوراس: «ما يحدث يؤثر في كل أمريكي، وفي كل من يريد أن يعيش بحرية، بغض النظر عن المدة التي قضتها عائلته في هذا البلد».
واندلعت احتجاجات في ما لا يقل عن تسع مدن أمريكية أخرى، الاثنين، بما في ذلك نيويورك وفيلادلفيا وسان فرانسيسكو، بحسب وسائل إعلام محلية.
وفي أوستن، تكساس، أطلقت الشرطة ذخائر غير فتاكة واحتجزت عدداً من الأشخاص خلال مواجهات مع مئات المتظاهرين.
وقبل تفريق المتظاهرين في لوس أنجلوس، احتشد عدة مئات منهم خارج مركز احتجاز وهم يهتفون «أطلقوا سراحهم جميعاً»، ويرفعون أعلام المكسيك ودول أمريكا الوسطى. وعند الغروب، وقعت مواجهات متفرقة بين الشرطة والمتظاهرين الذين تفرقوا في منطقة ليتل طوكيو بالمدينة.
وبينما كان السكان يراقبون من شرفات شققهم فوق الشوارع، والسياح يلتجئون داخل الفنادق، أطلق عدد كبير من ضباط شرطة لوس أنجلوس والنواب الفيدراليين قنابل صوتية دوت في الشوارع الجانبية، إلى جانب الغاز المسيل للدموع.
وقالت وزارة الأمن الداخلي إن إدارة الهجرة والجمارك (ICE) اعتقلت 2,000 مخالف للهجرة يومياً في الأيام الأخيرة، وهو رقم يتجاوز بكثير المتوسط اليومي البالغ 311 في السنة المالية 2024 خلال فترة الرئيس السابق جو بايدن.
دعوى قضائية ضد الإدارة الأمريكية بسبب التدخل العسكري الفيدرالي في ولاية مستقلة
وصف غافين نيوسوم، حاكم كاليفورنيا، نشر ترامب لقوات الحرس الوطني بأنه: «خطوة واضحة نحو الاستبداد، إضافة إلى كونها غير قانونية وغير أخلاقية».
وتابع: «يجب على كل حاكم، سواء كان جمهورياً أو ديمقراطياً، أن يرفض هذا التعدي الفاضح».
من جهته، أعلن النائب العام لولاية كاليفورنيا، روب بونتا، أن الولاية سترفع دعوى قضائية ضد إدارة ترامب بتهمة «الفدرلة غير القانونية» لقوات الحرس الوطني ونشرها لقمع الاحتجاجات.
وجدير بالذكر أن القانون الأمريكي يمنع القوات العسكرية من تنفيذ مهام إنفاذ القانون داخل البلاد، إلا إذا فعّل الرئيس قانون التمرد لعام 1807 (Insurrection Act)، والذي يتيح له استخدام الحرس الوطني أو القوات النظامية لمواجهة التمردات.
0 تعليق