حوار: مسعد عبد الوهاب
فتح الشيخ سهيل بن بطي آل مكتوم، الوكيل المساعد لقطاع التنمية والتنافسية الرياضية بوزارة الرياضة، رئيس اتحاد الإمارات الرياضي لمؤسسات التعليم المدرسي والجامعي، قلبه ل«الخليج الرياضي، في أول حوار له بعد توليه سدة الرئاسة في أهم المؤسسات الرياضية بالدولة على الإطلاق، نظراً لما ينضوي تحت مظلته من ثروة بشرية هائلة في مدارس وجامعات الدولة، تشكل الرافد والممول الرئيسي لكل الاتحادات بالمواهب الواعدة.
وتطرقنا معه إلى واقع ومستقبل الرياضة المدرسية والجامعية والخطط والمشروعات المستقبلية لعمل الاتحاد ومهامه، ولم تخل ردوده من الصراحة مشخّصاً الواقع بدقة، في حوار هنا نصه:
- ما مهمة وطبيعة واختصاصات اتحاد مؤسسات التعليم؟
- اتحاد الإمارات الرياضي لمؤسسات التعليم المدرسي والجامعي، كيان رياضي مؤسسي نشأ في ديسمبر من عام 2021، عبر دمج اتحاديّ الرياضة المدرسية والجامعية، لتحقيق هدف رئيس هو تحسين آلية اكتشاف المواهب بأعمار مبكرة، واستمراريتهم من خلال مسار لاكتشاف المواهب ومن ثم تطويره ببرامج ومبادرات مصاغة بأسلوب علمي وفق أحدث المعايير والتجارب العالمية الحديثة المطبقة في المجال لتكون برمتها بمنزلة «حاضنات للأمل» في مستقبلنا الرياضي.
- وما الخطوات التي اتخذتموها في سبيل ذلك؟
- منذ الاجتماع الأول لمجلس الإدارة الذي عقد في 29 مايو، برئاسة الدكتور أحمد بالهول الفلاسي وزير الرياضة، رئيس الاتحاد آنذاك، تم استعراض واقع الرياضة المدرسية والجامعية والتحديات التي تعترض تطورها، كما تم وضع الحلول الكفيلة بتذليل العقبات واعتماد أطر فعّالة للتنسيق بين قطاعي التعليم والرياضة بما يدعم رياضة الإمارات من خلال خطط طويلة الأمد يتشارك فيها القطاع التعليمي مع الرياضي المتمثل في اتحاد مؤسسات التعليم والاتحادات الرياضية الأخرى، وكان الهدف الرئيسي تعزيز منظومة العمل الرياضي وتوفير المناخ المناسب لاكتشاف المواهب مع وضع آلية لتطوير مستواها باستمرار لتمكينها من تحقيق إنجازات عالمية للدولة.
رعاية مستدامة
- كنتم الأمين العام في التشكيل الأول، هل وجدتم الوضع مثالياً؟
- الشفافية من أهم الأمور التي تدفع إرادة التغيير لإحداث التطوير، وبمنتهى الصراحة لم تكن الأمور مثالية كما يجب أن تكون، فالرياضة المدرسية لم تستثمر كما ينبغي بحكم أنها البوابة الأولى بل الرئيسية الرافدة للتطور الرياضي ذلك بما تمتلكه من ثروة بشرية هائلة تحتاج فقط لمبادرات للكشف عن المواهب وتبنيها ببرامج رعوية مستدامة، وهذا يفرض ربط مخرجات المدارس من مواهب بالجامعات التي سيكملون دراستهم بها، وهذا الارتباط لم يكن موجوداً، وهذا كان السبب المباشر لدمج اتحادي المدارس والجامعات في كيان واحد وكان هذا ضرورياً لتحقيق التواصل الرياضي فهما يشكلان معاً الكنز الثمين من منظور البناء لمستقبل رياضة الإمارات.
وماذا كان ينقص الرياضة المدرسية لتكون مثالية؟
- الكثير، ويكفي لبيان ذلك أنه لم تكن هناك قاعدة بيانات تخص المواهب، بحثنا عنها لنستند إليها كنقطة بداية في منطلقات العمل، نحن لا ننكر جهود أحد ولانقول ذلك لمآرب بل لننقل صورة شفافة عن حقيقة الوضع آنذاك، لذلك باشرنا دورنا في البناء على ماقدمه من سبقونا مشكورين فالكل حريص على خدمة الوطن والمصلحة العامة الهدف الأسمى لدى الجميع.
التزام بالضوابط
- هل ترى أن واقع الرياضة المدرسية والجامعية يفي بغرض النماء الرياضي؟
- عملية التنمية الرياضية المستدامة وإعداد أبطال المستقبل تحتاج إلى وقت، ونعمل مع شركائنا في وزارة الرياضة واللجنة الأولمبية الوطنية والاتحادات والمؤسسات ذات الصلة، لتنفيذ استراتيجية عمل الاتحاد المنبثقة عن استراتيجية 2031، الأمر ليس بالسهولة التي يتصورها بعضهم، فعمل الاتحاد له طبيعة خاصة تتطلب الالتزام بضوابط أخرى تتعلق بطبيعة العمل التربوي تحقيقاً لرؤى وزارتي التربية والتعليم، والتعليم العالي والبحث العلمي، ما يعني أننا ملتزمون بالتنسيق التام في كل مراحل العمل ومراعاة أن لا تطغى الأنشطة والمسابقات على الجانب الأكاديمي وامتحانات الطلبة في كافة مراحلهم الدراسية.
- صف لي أهمية دور اتحادكم من المنظور المستقبلي لرياضة الإمارات؟
- لنا دور رئيسي في دعم أهداف استراتيجية الرياضة الرامية إلى زيادة ممارسة الرياضة في المجتمع لتصل 71% من السكان، وزيادة عدد المتأهلين إلى الألعاب الأولمبية إلى أكثر من 30 لاعباً، وزيادة إسهام الرياضة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 0.5% بحلول عام 2031.
مشكلة البيانات
برزت مشكلة إبان تشكيل أول مجلس إدارة لاتحادكم تتعلق بعدم وجود قاعدة للمواهب من مخرجات مشروع الأولمبياد المدرسي الذي ألغي بعد ذلك، كيف تعاملتم مع هذا الأمر؟
- عالجنا هذا الأمر بمن خلال شركات متخصصة ويتمحور التعاون حول رصد آداء اللاعبين ومن خلال هذه البيانات نكتشف أفضل اللاعبين من أصحاب المواهب والمهارات.
- هل يوجد تواصل بين الأندية والمدارس والجامعات للاستفادة من المواهب؟
- بالتأكيد.. لدينا رصد لمسيرة لاعبي المدارس والجامعات وفي حال كانوا ملتحقين بالأندية نوفر لهم برامج الدعم اللازمة بالتنسيق مع الأندية، وبالنسبة لغير الملتحقين بالأندية نعرضهم على لجنة الإمارات لرياضة النخبة والمستوى العالي وهي بدورها تتواصل معهم لترى مدى إمكانية تمثيلهم للدولة.
- هل تتوافر حالياً قاعدة بيانات للمواهب شاملة في كلتا الدفتين، المدارس والجامعات؟
- نعم توجد حالياً قاعدة بيانات خاصة بالرياضيين في المدارس وأخرى تخص الجامعات فقد شرعنا بالفعل في مشروع لرصد بيانات المواهب ولن نترك أي موهبة في الدولة من دون الكشف عنها وضمها للمسار المعني باكتشاف ورعاية وصقل المواهب، وقريباً سيتم الكشف عن تفاصيل المشروع الأول من نوعه الذي تشهده رياضة الإمارات على امتداد تاريخها.
- مامدى رضاكم عن مردود النسخة الأولى من الألعاب الألعاب الجامعية التي اختتمت مؤخراً؟
- أكثر من راضٍ عن المستوى والدليل على النجاح هو أن بعض اللاعبين من الملتحقين بالأندية حرصوا على المشاركة في منافسات الألعاب الجامعية وهذا يدل على أنهم سعداء، والمحصلة رائعة وفاقت التوقعات.
- وماذا عن الألعاب المدرسية؟
- بطولة الألعاب المدرسية التي اختتمت نسختها الثانية بنجاح قبل أيام في مركز دبي للمعارض بمدينة إكسبو تقام سنوياً بتنظيم اتحاد الإمارات الرياضي لمؤسسات التعليم المدرسي والجامعي بالتعاون مع وزارة الرياضة ووزارة التربية والتعليم واللجنة الأولمبية الوطنية والاتحادات أحدثت نقلة هائلة للرياضة المدرسية على صعيديّ الكم والكيف وأفرزت عدداً كبيراً من المواهب التي سيتم إعدادها للمستقبل، والنسخة الثانية أتاحت 12 رياضة، وأكبر دليل على نجاحها أنها جذبت 2354 طالباً وطالبة من 875 مدرسة من إمارات الدولة، وسجلت زيادة ملحوظة في مشاركة الطالبات بنسبة 62% وهذا مؤشر قوي يدعم الرياضة النسائية، والألعاب الرياضية المستهدفة عموماً.
ضوء أخضر لمشاركة الأشقاء
- من متابعاتنا لصدى الألعاب الجامعية رصدنا رغبة بعض الجامعية الخليجية والعربية في المشاركة هل ترحبون؟
- بالتأكيد نرحب بمشاركة فرق ولاعبين من جامعات خليجية وعربية شقيقة وأسعدنا كثيراً أننا وجدنا تفاعلاً من الأشقاء ومتابعة لمجريات الحدث الأبرز في المنطقة على صعيد الرياضة الجامعية، خاصة أن مشاركة فرق جامعات شقيقة سيوفر لرياضيينا المزيد من فرص الاحتكاك واكتساب الخبرة.
- هل يعنى ذلك أن التنظيم وصل حد المثالية؟
- لا يمكن القول بذلك يجب أن نكون واقعيين فما زلنا في مرحلة بناء وتأسيس للمستقبل، خاصة أننا ننافس الآخرين في منطقتنا والعالم الأمر الذي يتطلب استمرار العمل دون كلل، لقد واجهنا في البداية بعض التحديات تتعلق بشكوى بعض اللاعبين من تزامن المسابقات مع الامتحانات في التوقيتات وعالجنا ذلك بحلول فورية من خلال التنسيق مع إدارات الجامعات وتغلبنا على المشكلة.
عمل دؤوب للجنة النخبة
- ماذا عن التنسيق بينكم وبين الاتحادات الأخرى في شأن صناعة أبطال المستقبل؟
- لجنة الإمارات لرياضة النخبة والمستوى العالي تضطلع بهذا الملف بعمل دؤوب لا يترك شاردة ولا واردة في شأن اكتشاف المواهب وصناعة الأبطال، وبالنسبة لموضوع التواصل من قبل الاتحادات فالأمر يتفاوت من اتحاد لآخر لكن الأغلبية حريصة جداً على تفعيل التواصل ووضع أطر وشراكات تخدم العمل المشترك نستطيع القول: إن نظرة الاتحادات تغيرت للأفضل.
- ماذا عن استفادة رياضتنا من مخرجات المدارس والجامعات؟
- مخرجات المدارس من المواهب هي شغلنا الشاغل فالانتقاء السليم يبدأ من ملاعب المدرسة والتي منها تتم عملية اكتشاف المواهب ومن ثم العمل على صقلها بتوفير برامج التدريب المناسبة وهناك عمل كبير يسير في نفس الاتجاه.
لا انفصام
مع الزخم الكبير في النشاط الرياضي الداخلي المدرسي والجامعي ألا تخشى من وجود انفصام في الخطط والبرامج والمنتج الرياضي؟
- نعمل بتنسيق وتعاون وثيق مع وزارة التربية والتعليم من أجل تذليل أي تضارب في الأنشطة قد يؤثر بالسلب في النشاط الرياضي مع مراعاة أن عملنا بعيد كل البعد عن النشاط المدرسي الصفي واللاصفي، نحن نختص بالشق التنافسي، أما إذا كنت تقصد الاختصاص في اكتشاف المواهب وهذا ضمن مهامنا فهذا يتم من خلال آليات ووجود ممثلين لوزارة التربية فيها، وكذلك ما يخص إعداد وتشكيل الوفود الرياضية لتمثيل الدولة في المشاركات الدولية بكافة مستوياتها من اختيار وتدريب مع التأكيد على أن مهمتنا في الاتحاد هي التنظيم والإشراف على المسابقات المحلية المدرجة في أجندة الاتحاد وإدارتها بشكل لا يتعارض مع مواعيد إقامة المسابقات الداخلية المدرسية والجامعية، وتطعيم المنتخبات بلاعبين موهوبين من المواطنين يحتل أولوية في عمل اتحاد الإمارات الرياضي لمؤسسات التعليم المدرسي والجامعي.
هل لك كلمة أخيرة في هذا الحوار؟
- لابد من تقديم الشكر والتقدير للدكتور أحمد بالهول الفلاسي، وزير الرياضة الرئيس السابق لاتحاد الإمارات الرياضي لمؤسسات التعليم العالي والجامعي، الذي قاد الاتحاد في مرحلة الانطلاقة الصعبة، وأثمرت جهوده في تصحيح المسار ووضع رياضة المدارس والجامعات على الطريق الصحيح في المرحلة التحولية بعد دمج اتحاديّ المدارس والجامعات، ونحن نكمل على ما بدأه وكلنا يد واحدة في العمل من أجل مصلحة رياضة الإمارات.
0 تعليق