نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مهارات التعليق السياسي: بن صقر والشملان نموذجا, اليوم السبت 10 أغسطس 2024 11:59 مساءً
أسوق ذلك لأشير إلى نموذجين مشرفين على الصعيد الوطني والدولي، وهما الدكتور عبدالعزيز بن صقر الخبير في العلاقات الدولية ورئيس مركز الخليج للأبحاث، والأستاذ الدكتور عبدالرحمن الشملان أستاذ التاريخ والعلاقات الدولية والحدود في جامعة الملك سعود سابقا.
في هذا السياق فقد لفت نظري استشهاد الإعلامي الروسي أرتيوم كابشوك في برنامجه "أبعاد روسية" بقناة "روسيا اليوم" بما كتبه الدكتور الشملان حول تداعيات حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة، وحتما فهذا الاستشهاد لم يأت إلا من حجية الرأي السياسي الذي طرحه الدكتور الشملان، وهو رأي أعرف متانته على الصعيد المنهجي لكوني أحد طلابه، وممن تعلم منه أسس التفكير المنهجي وفق مدارس التاريخ الفلسفية.
وللإنصاف فقد كان الدكتور الشملان عودا من حزمة متميزة من الأساتذة المنهجيين الذين تنعمنا بالدراسة على يديهم خلال عقد الثمانينات وأول التسعينات الميلادية، سواء بشكل مباشر كالدكتور عبدالعزيز الهلابي، والدكتور عبدالله العثيمين والبقية من جيلهم دون استثناء، أو بصورة غير مباشرة كالدكتور أحمد الزيلعي الذي يبهرني بمنهجه العلمي المتين وأصالة معرفته الواسعة.
وفي هذا الإطار أيضا فلعلي لست الوحيد الذي يقف معجبا بهدوء وفطنة الدكتور عبدالعزيز بن صقر وهو يحاور عددا من المقدمين المحترفين الذين يعملون بمهارتهم على سحب الضيف إلى سياقاتهم السياسية التي يريدونها، وآخر ما رأيته كان قبل يومين مع مقدم برنامج "رأس السطر" على قناة "التغيير" العراقية، وهو برنامج عميق في محتواه السياسي، وملغم في أسئلته المطروحة، ويمكن أن يكون مجس اختبار لمهارة وفطنة ووعي وحكمة المعلق السياسي، الأمر الذي يمكن أن يستظهره المشاهد من حوار الدكتور بن صقر في البرنامج.
من هذين النموذجين يمكن أن نؤسس لمعايير منهجية يجب أن تتوفر في المعلق السياسي الذي يتصدى للتعليق على مختلف الأحداث والأزمات السياسية، وأول ما يجب أن نقره هو تحري الدقة في المعلومة وامتلاك القدرة على الاستفادة منها بشكل فاعل، والتمتع بخاصية الهدوء في لغة الخطاب، والبعد عن الظاهرة الصوتية، والالتزام بقواعد وبروتوكولات الحوار على الصعيد الأخلاقي والمهني، حتى لو كان الطرف الآخر من النقاش ألد الخصوم، كما من المهم الابتعاد عن المزايدات في الخطاب السياسي، فالمعلق يمثل نفسه وليس ناطقا باسم الحكومة أو متحدثا باسم الخارجية، وما يقدمه من تحليل يعكس رؤيته التي من الواجب أن تتسق مع رؤية وطنه، وبالتالي فعليه أن يقرأ رؤية واستراتيجية وطنه بشكل جيد، وألا يحملها توجهه العقائدي أو هواه السياسي.
أشير إلى أن الصمت السياسي وعدم الانجرار إلى سياقات مبنية على توجه عاطفي يكون من الحكمة البالغة في عديد من الأحيان، كذلك مهم أن يدرك المعلق السياسي بأنه وإن كان يمثل نفسه في رأيه، لكنه بظهوره على الشاشة قد أصبح يمثل مجتمعا بأكمله، وبالتالي فحري به أن يتحلى بالخلق القويم، وألا يستفز مشاعر الآخرين بسلوك لن يكون قاصرا عليه، وإنما سيؤاخذ المتطرفون به مجتمعا بأكمله، وتلك مصيبة أخرى. والشواهد على ما أقوله كثيرة، وليس المجال لذكرها.
ختاما أذكر أني كتبت مقالا قبل أكثر من عقد في الزميلة جريدة "المدينة"، أطالب فيه بتأسيس حلقات منهجية ينضوي تحت لوائها كل من يريد أن ينخرط في مجال التعليق السياسي، وفيه يجري إحاطته بمهارات وأساليب التعليق المنهجي الصحيح، ويتم تدريبه على أسس وسياقات الحوار حال النقاش في مختلف البرامج السياسية بوجه عام. وهو مطلب أرجو أن يتحقق حاليا، وأرجو أن ينخرط فيه كل من يرنو من نفسه أن يكون معلقا سياسيا في يوم من الأيام.
................
السياسة
التعليق السياسي
البرامج السياسية
الخطاب السياسي
الإعلام السياسي
العلاقات الدولية
0 تعليق