تأطير مفهوم الإسكان التنموي

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تأطير مفهوم الإسكان التنموي, اليوم الأحد 18 مايو 2025 12:34 صباحاً

شاركت مؤخرا في الملتقى الأول لجمعية معمار للإسكان التنموي «سكن ونماء»، والذي أقيم في مقر الغرفة التجارية بمدينة الدمام. الملتقى سلط الضوء على دور الإسكان التنموي في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 وتعزيز الشراكة بين القطاعات الثلاثة لتحسين جودة الحياة في البيئات السكنية وتحسين آليات الدعم للأسر الأشد حاجة. وجاء هذا الملتقى تزامناً مع الدعم السخي الذي قدمه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظة الله- لمؤسسة الإسكان التنموي الأهلية (سكن) ممثلة بـ(جود الإسكان)؛ وبهدف دعم تمليك الإسكان للمستفيدين والأسر المستحقة، والتأكيد على تبني المبادرات التي تستهدف توفير المساكن لهم في مختلف مناطق المملكة العربية السعودية.

تناولت ورقتي البحثية موضوع تأطير «مفهوم الإسكان التنموي في المملكة العربية السعودية» وذلك بهدف فهم أدوار الإسكان التنموي في قطاع الإسكان ودعم الأسر الأشد حاجة. ومن منطق أن الإسكان محور هام تناولته أهداف التنمية المستدامة التي صاغتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2015؛ فتوفير مسكن يجب أن يكون مقرونا بدعم الاستقرار الاجتماعي، والتمكين الاقتصادي، وجودة البيئة المحيطة. إن قضية الإسكان ليست متعلقة بـ «المسكن»؛ بل هي قضية «الأسرة» التي تسعى للاستقرار، والتمكين، والتفاعل. يجتهد العديد من الباحثين بوضع تصورات حول طرق وتقنيات تخفيض سعر المسكن دون التفكير في سياسات ترتقي بمعيشة السكان وتنهض باقتصادات المكان.

القضية ليست متمثلة في توفير مسكن «رخيص الثمن» للأسر الأشد حاجة؛ بل بتنمية الإنسان والمكان. وفقا لذلك، فالإسكان التنموي يمكن النظر له من جهتين، الأولى متعلقة بالإنسان ونعني بها أن يكون الإسكان أداة لتنمية الأسر الأشد حاجة، والثانية متعلقة بالمكان ونعني بها أن يكون الإسكان أداة لتنمية المدن. يساعد هذا المفهوم الجامع للإسكان التنموي على فهم منظومة الدعم السكني بوصفها ليست مجرد منظومة قائمة على توفير الوحدات السكنية؛ بل تمكين المجتمع والارتقاء بالبيئة واقتصاديات السكان وهي محاور الاستدامة.

على المستوى المحلي، تعتمد برامج ومبادرات الإسكان التنموي على بناء الشركات مع القطاع الخيري والتطوعي والجمعيات الإسكانية والمانحين لتوفير وحدات سكنية أو إعانات إيجارية. ومع ذلك، يبقى هذا الدعم غير مستدام لكونه يعتمد على الجهود الخيرية؛ والحاجة ماسة إلى تبني برنامج شمولي للارتقاء بأساليب المعيشة وتأهيل الأسر الأشد حاجة لسوق العمل.

إن التوزيع المكاني للإسكان التنموي يخضع لقوى السوق ويواجه المعروض الإسكاني التنموي نقصا في المدن الكبرى نتيجة ارتفاع الأسعار وعدم قدرة الأسر الأشد حاجة للوفاء بالتزامات الإيجار السكني مما يزيد من أعباء المعيشية. حاولت في هذا البحث تتبع مفهوم الإسكان التنموي عالميا بداية من توفير السكن ووصولا لمنهج التمكين والارتقاء الاجتماعي للأسر الأشد حاجة.

توصلت الدراسة إلى أهمية استجلاء مفهوم واضح للإسكان التنموي لدى صانعي السياسات الإسكانية يتخطى المفهوم المادي والمتمثل بإنتاج الوحدات السكنية، بحيث يأخذ في عين الاعتبار ثلاثة محاور رئيسة وهي:

أولا: البعد البيئي، ويؤكد على جودة المسكن والتموضع المكاني لمشاريع الإسكان التنموي بما يضمن سهولة الوصولية لأماكن العمل ومواءمتها للبيئة المحيطة.

ثانيا: البعد الاجتماعي، ويعني العمل على ضمان الوفاء باحتياجات الأسر الأشد حاجة، بما في ذلك تفعيل دور المشاركة المجتمعية وبرامج التنمية الاجتماعية وإدماج مشاريع الإسكان التنموي ضمن الخطط الاستراتيجية للمدن.

ثالثا: البعد الاقتصادي، ويؤكد على تطوير برامج تنموية لزيادة القدرة الاقتصادية للأسر الأشد حاجة ودعم الجمعيات التعاونية بكوادر مؤهلة ونموذج عمل مستدام لتعزيز قدرتها التنافسية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق