طول اليوم الدراسي.. استنزاف لطاقات الطلاب وأوقاتهم

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أبوظبي: «الخليج»

تعب ومشقة تواجه أولياء الأمور بسبب طول اليوم الدراسي، حيث يعاني الكثير من الطلبة من ضغوطاً بسبب انغماسهم في الدراسة وإمضائهم أوقاتاً كبيرة في المدرسة تقارب نصف اليوم، حتى أصبحوا غير قادرين على خلق مساحة لأنفسهم، ومن ثم لا يجد الآباء والأمهات فرصة للتواصل مع أبنائهم واحتوائهم.

مقارنة باليوم الدراسي الذي عاصره الجيل السابق، يرى أولياء الأمور أن عدد الساعات الدراسية منهكة جداً للطلاب خاصة الصغار منهم، وقد لاحظوا مدى الإرهاق الذي يحل على أبنائهم بمجرد العودة لمقاعد الدراسة، ومن ثم فهم مجبرون على التظاهر بأن الأمر طبيعي وتشجيعهم على المثابرة، عوضاً عن إخبارهم بحقيقة أن 8 ساعات دراسية مكثفة أو أكثر منهكة جداً، فضلاً عن الاستيقاظ قبل الموعد بساعة على الأقل واستهلاك طاقة الجسم في التنقلات لمدة لا تقل عن ساعة ذهاباً ومثلها إياباَ في الحافلة المدرسية.

بات بعض الطلاب في الآونة الأخيرة يعانون الإرهاق المستمر المنعكس بوضوح على تصرفاتهم وتركيزهم الذي بدا شبه منعدم تزامناً مع بداية كل فصل دراسي، والسبب عدد ساعات الدوام المدرسي التي يصفها بعض أولياء الأمور بأنها شاقة على المعلم قبل الطالب.

وذكرت زينب المطروشي، ولية أمر لطالبة في الخامس الابتدائي، أن تقليص عدد ساعات الدوام المدرسي ساعة واحدة فقط سيشكل فارقاً كبيراً وملحوظاً على ابنتها التي تعود منهكة الساعة الرابعة مساء، وهذا الكم من الإرهاق ينعكس على دراستها سلباً، حيث تعاني الأرق في معظم أيام الأسبوع بسبب ضغوط الدراسة والواجبات والمشاريع، وأن أبناءها الأصغر سناً أكثر تأثراً بطول اليوم الدراسي، خاصة بعد 3 ساعات تقريباً من عودتهم من المدرسة.

وتطرقت إلى أن الطلاب في هذه المرحلة بحاجة إلى الانطلاق واكتشاف مواهبهم وهواياتهم التي لم تكتشف حتى الآن، مؤكدة أهمية تكوين صداقات في هذه السن والاحتكاك بالعالم الخارجي.

ضغط المواد

وقالت حليمة الخزامي، ولية أمر طفلة في المرحلة التمهيدية، إن المواد لا تتناسب مع قدرات الطفل الاستيعابية، وقرار زيادة نصف ساعة على ساعات اليوم الدراسي، بدلاً من اليوم الدراسي الذي تحول إلى يوم إجازة إضافي، لم يعد على أولياء الأمور والطلبة إلا بالضغط.

وعبرت عن عجبها الشديد من كمّ المواد وعدد أيام الدراسة والساعات التي لم تعد تكفي، بعد منحهم عطلة أسبوعية، ما أدى إلى تكدس المواد الدسمة بالنسبة لطالب في المرحلة التمهيدية، مثل الاجتماعيات والعلوم والبيئة الصحراوية والبحرية، وهذه المواد لأطفال في هذا العمر أمر غير مفيد.

أداة للتعلم

واتفقت معها في الرأي ليلى للراسبي حيث قالت: «الطلاب أصبحوا أداة للتعلم فقط، لا يوجد وقت للعب، مرحلة عمرية تفتقر للإبداع، وعلى سبيل المثال طلاب المرحلة الابتدائية يصلون إلى منازلهم في الثانية ظهراً، وطلاب المرحلة الثانوية تراوح مواعيد وصولهم للمنازل ما بين 03:45 والرابعة مساءً.

وأضافت أن هذا الأمر لا يقيد الطلاب فقط، بل يقيد الأسرة أيضاً؛ حيث إن الحل الوحيد تأجيل كل الواجبات والمهام المكلف بها الطلاب إلى عطلة نهاية الأسبوع. وما ألاحظه عليهم الآن هو عدم التقبل للمدرسة، وأتمنى إعادة دراسة الموضوع بطريقة أفضل.

تسع مواد

وتحدثت «الخليج» إلى مديرة إحدى المدارس، التي طلبت عدم ذكر اسمها، وقالت إنها لاحظت أن كبرى العقبات التي تعوق الطلبة هي مواعيد انتهاء الدوام الدراسي. والطلبة يعانون صعوبة في الفهم والتركيز بعد الثانية ظهراً، والطالب ذو المستوى المتوسط لم يعد يستطيع مجاراة زملائه المتفوقين، بسبب الضغط الزائد وكثرة المواد، فعدد 9 مواد ليس بالأمر الهين، ولتأكيد ذلك إذا أخذنا طلاب الجامعة مثالاً وهم ناضجون فكرياً ببنية جسدية مكتملة، ويمتلكون من الخبرة الكافية ما يمكنهم من تنظيم أوقاتهم ومهامهم وتحمل الجهد الذهني والجسدي، فإن الجامعات وضعت قوانين صارمة بخصوص كمّ المواد المسموح بها للطالب ولا تسمح بتسجيل أكثر من 6 مواد إلا بشروط معينة، في معدل تراكمي مرتفع؛ لذا أعتقد انه يجب إعادة النظر في الكثير من الأمور للتخفيف على الطالب.

وأضافت قائلة: «هناك حلول ومقترحات سهلة يقدمها الأهالي أعتقد أن تنفيذها لن يكون صعباً، مثل مشكلة الحافلات، فهنالك طلاب يقطنون في مناطق تبعد عن المدرسة 60 كلم، في هذه الحالة يؤخذ الطفل من منزله في بداية دورة الحافلة صباحاً ويحدث عكس ذلك عند العودة من المدرسة، ليصبح آخر الطلاب وصولاً إلى منزله، ماذا لو عكسنا دورة الحافلة بحيث تصل إليه الحافلة لتقله في نهاية الدورة صباحاً، فيستطيع أن ينعم بساعة إضافية من النوم، وعند الرجوع تعكس الدورة لتسير بشكلها الطبيعي ويوصل في النهاية، وهذا مقترح واحد من مئات المقترحات، وأتمنى أخذ آراء أولياء الأمور في الحسبان؛ لأنها في الغالب تكون نابعة عن تفكير عقلاني.

انعدام المهارات

وفي سياق متصل، أكدت نشوة حسن، اختصاصية اجتماعية، ضرورة استهلاك ساعات الطلاب بطريقة صحية، فالعالم ليس بحاجة إلى روبوتات أكاديمية بل إلى عقول مفكرة ومبدعة، ولو حصرنا تركيزنا على الدراسة فلن نبني إنساناً ولا عقولاً، زادت المواد وزادت الساعات الدراسية وقلت المهارات وقل تقدير الذات والمواد التي تكوّن شخصية الإنسان بالشكل صحيح. ومقارنة بالسنوات السابقة لا أعتقد أن هناك ولية أمر لا تمتلك من الحرف والمهن ما يملأ عليها وقت فراغها.

وتابعت: وإذا نظرنا إلى حال الجيل السابق والحالي، فسنلاحظ الفرق بشدة، طالب المرحلة الثانوية لم يعد له متسع من الوقت لدراسة الموسيقى والفن فالمدارس، على عكس ما نشأنا نحن عليه، وأعتقد أنك لن تجد أماً أو ولية أمر حالياً لا تجيد المهارات الحياتية والحرف مثل الخياطة و«الكروشيه» و«التريكو»، وكذلك الشباب؛ حيث إن الاقتصاد المنزلي والزراعة والخياطة والنشاط كانت أساسية بالنسبة للجيل السابق، وكان ذلك سبباً واضحاً لمدى تعلقنا بالمدرسة وأصدقائنا.

كما قالت: لاحظت في الآونة الأخيرة أن الطلبة مفتقرون للشعور الجميل الذي كنا نشعر به في أيام الطفولة، وهو شعور الاشتياق لزملائهم وللمدرسة بعد كل إجازة، لم نعد نجد ذلك الشغف في الحديث عن مهاراتهم ومواهبهم، بل سرعان ما يتطرقون إلى مواضيع أكاديمية مثل المشاريع والامتحانات. ومن الضروري إثراء حياة الطلاب بالأنشطة اللاصفية.

الإجهاد البدني

وقالت ميثاء الكعبي، مستشارة أسرية: ينبغي للطالب الاستيقاظ مبكراً في أتم الاستعداد النفسي والجسدي لليوم الدراسي، لكن ما يحدث الآن هو أن الطلاب لا ينعمون بوقت كافٍ للنوم والراحة بسبب مواعيد وصولهم المتأخرة، كذلك الواجبات والمشاريع والضغط النفسي والمجهود البدني.

حلّ الواجبات

وفيما يخص إجابات الطلاب عن بعض الأسئلة بخصوص اليوم الدراسي فقد وصفوه بالصعب، خاصة في الفئات العمرية الأصغر، وأصعب الأوقات ساعات اليوم هي فترة المساء.

وقال راشد السماحي، طالب في المرحلة الإعدادية: الحل الوحيد لإمضاء وقت للعب في المنزل أو عطلة نهاية الأسبوع، هو حل الواجبات خلال الفسحة المدرسية.

ووصف الطالب عبد الرحمن البقيشي، مواد المرحلة الابتدائية بأنها كثيرة وصعبة، ولا يمتلك الوقت الكافي لإنجازها وممارسة الرياضة والاستمتاع بالهوايات. واليوم الدراسي كاملاً يتمحور حول حل الواجبات، ودراسة المواد والنوم استعداداً ليوم دراسي جديد ومتعب.

وقال سليمان محمد، طالب في الصف السادس الابتدائي، إنه يشعر بالتعب والإرهاق الشديد؛ حيث ينتابه شعور بالنعاس في منتصف اليوم الدراسي ويصبح في حالة مقاومة للنوم، ولا يسعه إلا إكمال اليوم في سبيل الانتهاء من الواجبات المكلف بها.

الطالبة مهرة عبيد، لخّصت بعفوية شديدة المعاناة في جملة «عند عودتي من المدرسة أتناول غدائي، بسرعة، كي أستطيع حل الواجبات والمشاريع وأجد وقتاً للنوم».

يوم طويل

وصفت الطالبة آية سالم، اليوم الدراسي بأنه طويل جداً، ولا تمتلك الوقت الكافي لإمضائه مع أسرتها، ولا اللعب ولا التنزّه طوال أيام الدراسة والإجازة الأسبوعية أيضاً. وتفضل أيام العطل الكبيرة عن أيام المدرسة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق