من وعد «الـ24 ساعة» إلى تهديدات الانسحاب.. أوكرانيا و100 يوم من رئاسة ترامب

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

وعد دونالد ترامب بإبرام تسوية تنهي الحرب بين روسيا وأوكرانيا «خلال 24 ساعة»، لكن بعد مرور نحو ثلاثة أشهر على عودته إلى البيت الأبيض لا يزال النزاع مستعراً، وأفق الحل غامضاً، بعدما أعاد الرئيس الأمريكي فتح قنوات التواصل مع موسكو، وأضعف موقف كييف.

لم يفلح ترامب في انتزاع تنازلات أساسية من نظيره فلاديمير بوتين، رغم إجراء مسؤولين أمريكيين وروس جولات من المباحثات الهادفة إلى البحث عن تسوية للحرب التي بدأت مطلع عام 2022.

وفي نقيض لسياسة الدعم غير المقيَّد لكييف التي اعتمدها سلفه جو بايدن، خاض ترامب في تباينات علنية مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بلغت حد وصفه بـ«الديكتاتور»، والدخول في مشادة علنية معه في المكتب البيضوي. وأثار فكّ ترامب العزلة الغربية التي فرضت على بوتين خلال الأعوام الماضية حفيظة الأوكرانيين وحلفائهم الغربيين.

وبينما أثار التقارب الأمريكي الروسي غبطة لدى كثيرين في موسكو، تبدو الصورة قاتمة في كييف، حيث يرى كثيرون، أن السلام المستدام بات أضغاث أحلام.

ويقول تيموفي ميلوفانوف، مدير كلية كييف للاقتصاد: «لا شيء يحدث. في واقع الأمر، يسمع الناس صفارات الإنذار يومياً، يرون القنابل، والناس يموتون».

واعترف ترامب أمام الصحافة في مارس/ آذار الماضي، بأنه كان «ساخراً بعض الشيء» عندما زعم خلال حملته الانتخابية أنه سيتمكن من حل الحرب بين روسيا وأوكرانيا في غضون 24 ساعة، حتى قبل توليه منصبه. وقال ترامب: «حسناً، كنت ساخراً بعض الشيء عندما قلت ذلك، ما أعنيه حقاً هو أنني أود حل المشكلة وسأقوم بذلك. أعتقد أنني سأنجح».

وبينما أجرى مسؤولون أمريكيون مباحثات مع نظرائهم الروس خلال الأسابيع الماضية، واصلت موسكو شنّ ضربات بصواريخ باليستية تطول مناطق أوكرانية عدة راح ضحيتها العشرات. كما تراجعت القوات الأوكرانية في منطقة كورسك الروسية والتي توغلت فيها خلال صيف 2024، لتفقد بذلك ورقة المساومة الوحيدة عملياً التي كانت في حوزتها.

وتؤكد آنا كليشكينا، وهي مصوّرة تبلغ 29 عاماً من سومي الأوكرانية، أنه منذ عودة ترامب إلى الحكم: «لم تحصل تغييرات إلى الآن، بل في الواقع ساءت الأمور في مدينتنا».

وقتل 35 شخصاً، وأصيب أكثر من 100 في هذه المدينة جراء ضربة روسية بصاروخين باليستيين في 13 إبريل/ نيسان الجاري، في هجوم هو من الأكثر حصداً للأرواح منذ أشهر.

- «فنان استعراضي»

ورغم تصريحاته وتواصله المباشر مع بوتين، لم يتمكن ترامب من تحقيق أي تقدم ملموس نحو تسوية في الحرب.

ورفض الرئيس الروسي في مارس/ آذار مقترحاً أمريكياً، وافقت عليه أوكرانيا، بهدنة غير مشروطة مدتها 30 يوماً. وفي حين وافق طرفا النزاع على وقف استهداف منشآت الطاقة، لم يتم وضع ذلك ضمن اتفاق رسمي، واستمر كل منهما في اتهام الآخر بخرق هذا التعهد.

وأعلن الكرملين الجمعة أن أمر بوتين بهذا الشأن «انتهت صلاحيته».

ميدانياً، واصلت موسكو تقدمها التدريجي في شرق أوكرانيا، على رغم أن ذلك يتم وفق إيقاع أبطأ مما كان عليه في أواخر 2024. وعلاوة على طرد الجيش الأوكراني بشكل شبه كامل من كورسك، تقدمت قوات موسكو إلى أطراف منطقة سومي شمال شرقي أوكرانيا.

ويقول الجندي الأوكراني أولكسندر (22 عاماً) وهو يستريح جالساً إلى مقعد في مدينة سومي، إن ترامب «ليس رجل سياسة بل هو فنان استعراضي».

وعلقت واشنطن مساعداتها العسكرية لأوكرانيا لفترة وجيزة في مارس/ آذار الماضي، في خطوة فاجأت كييف، وشكّلت قطيعة مع سياسة الدعم الواسع التي اعتمدتها إدارة بايدن. وكرر ترامب في تصريحاته مواقف روسية، مثل التلميح إلى وجوب إجراء انتخابات رئاسية، بسبب انتهاء ولاية زيلينسكي خلال الحرب، وزعمه أن نسبة تأييد الأخير لدى الأوكرانيين هي 4% فقط.

وبلغ التوتر بين ترامب وزيلينسكي مستوى غير مسبوق في فبراير/ شباط الماضي، مع المشادة الكلامية الحادة بينهما أمام الإعلام في البيت الأبيض. واتهم ترامب نظيره الأوكراني بعدم تقدير الولايات المتحدة، وهو موقف أثار صدمة لدى حلفاء بلاده.

وبعد أيام من الضربة الدامية في سومي، كرر ترامب انتقاده لزيلينسكي، مشيراً إلى أنه لم يكن يجدر به أن «يبدأ حرباً ضد طرف أكبر منك حجماً بعشرين مرة»، في إشارة إلى الفارق الهائل في المساحة بين روسيا وأوكرانيا.

- السلام المفقود

ورغم ذلك، لم تسلم روسيا من انتقادات ترامب، إذ لم يخف في تصريحات لوسائل إعلام أمريكية «غضبه» من بوتين، ودعا روسيا إلى «التحرك» لإبرام تسوية تضع حداً لهذه الحرب. لكن النبرة تبقى تصالحية أكثر من ذي قبل، وهو ما يلقى الرضى في روسيا.

واعتبر الكرملين في مارس/ آذار الماضي، أن تبدل الموقف الأمريكي يجعل الولايات المتحدة أكثر اتساقاً مع وجهة نظره.

ولم يُخفِ ترامب غضبه من الموقف الروسي المتعنت لإنهاء الحرب، إذ هدد الجمعة الماضية بأنه «سيتخلى» عن محاولة إنهاء الحرب في أوكرانيا إذا صعبت موسكو أو كييف وضع حد للصراع. وقال للصحفيين: «لا أرغب في الانسحاب من محادثات وقف الحرب في أوكرانيا. لدينا فرصة جيدة حقاً للتوصل إلى اتفاق بين أوكرانيا وروسيا». إلا أنه أكد أن واشنطن ستركز على أولويات أخرى، إذا لم يتم التوصل «قريباً» إلى تسوية لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

وعلى الرغم من أن نائب الرئيس جي دي فانس، أبدى تفاؤلاً بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا، إلا أن وزير خارجيته ماركو روبيو كرر التهديد الأمريكي بالتخلي عن جهود إرساء السلام بين روسيا وأوكرانيا، إذا لم يحدث تقدم في المحادثات خلال الأيام المقبلة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق