الموصل - رويترز
عندما سيطر تنظيم «داعش» الإرهابي على مدينة الموصل بالعراق، واجه الفنانون صعوبة في أداء أو ممارسة الفن سواء في الأماكن العامة أو الخاصة.
وبعد استيلائه على المدينة في عام 2014 شن التنظيم حملة شرسة دمر خلالها مواقع أثرية كثيرة وأعمال فنية قديمة في الموصل، ما حرم السكان من أداء الفنون أو ممارسة الأنشطة والحرف اليدوية.
واضطر الموسيقي العراقي عامر فندر إلى إغلاق متجره لبيع الآلات الموسيقية، ومغادرة الموصل في عام 2014. وانتقل في البداية إلى أربيل، حيث كان يؤدي عروضاً في المطاعم. وبعد ذلك بعام واحد فرّ إلى تركيا، حيث التقى بعائلته وعاشوا هناك كلاجئين.
وقال فندر: «2005 و2007 و2013 تقريباً الموصل كان وضعها سيئاً. يومياً نشهد تفجيرات وكان الأمر صعباً بالنسبة لنا كموسيقيين. لم نستطع ممارسة عملنا، كان الخوف يسيطر علينا».
وأضاف: «فتحت متجر في نطقة الدواسة. وكنت أعلِّم الموسيقى، وكان يوجد إقبال نوع ما وقتها، لكن بعد دخول داعش للموصل. أنا كنت من أوائل من خرجوا إلى شمال العراق وأخذت أولادي ثم زوجتي».
ونتيجة ثلاث سنوات من سيطرة التنظيم المتطرف بالقمع والعنف وكذلك الحملة العسكرية التي خلصت الموصل من التنظيم في عام 2017، صارت مناطق كبيرة من المدينة في حالة خراب.
وقُتل الآلاف أو صاروا بلا مأوى، أو لحقت بهم إصابات بالغة، كما بقي كثيرون آخرون في حالة من الذعر، وأُجبروا على التخلي عن هواياتهم، وما يبدعون فيه.
ويقول فندر: «كان عندي طالب اسمه عبد الحكيم بيتهم في منطقة ساخنة اسمها تل الرمان وكان يخبئ الجيتار بصعوبة، وكان يأتي إلى المتجر بصعوبة أيضاً، لأن في منطقته كانوا يضايقون الناس. حالياً تأتي البنات حاملة الجيتار إلى المتجر وليس مثل الحال سابقاً. البنات تأتي حاملة الجيتار والكمان والعود ومن أجل الدورة، والوضع جميل».
والآن في عام 2025، عاد فندر أخيراً إلى الموصل، وفتح متجره مجدداً، واستأنف عمله في بيع الآلات الموسيقية، وتعليم الشباب الراغبين في تعلم الموسيقى.
وقالت الصحفية العراقية مروة الجبوري: «فترة 2003 كانت حقبة بالنسبة لأهالي الموصل، وكل ما يخص بصراحة الفن، يعني كان الذي يزاول مهنة بيع الآلات الموسيقية، والفنان واللي يعبر عن هوايته كان دائماً ما يُهدد ويُقتل ويُغلق محله، وممكن حتى يغادر بيته، كثير من الفنانين وأصحاب الهوايات والعازفين غادرو المدينة بسبب التهديدات وبسبب رسائل القتل».
وأضافت: اليوم الحمد لله رجعت المدينة إلى أصالتها، إلى واقعها، اليوم المدينة بفنها وفنانيها بتطورها، اليوم العازف موجود والفنان موجود وصاحب الشركة موجود وصاحب المحل الذي يبيع الآلات موجود.
وتشتهر الموصل بتراثها الثقافي الغني، والتنوع السكاني الكبير الذي يضم العرب والآشوريين والأرمن والتركمان والأكراد والإيزيديين وغيرهم. وهذا التنوع هو جوهر هوية المدينة وحياتها الثقافية.
0 تعليق