نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مساعد وزير الخارجية الأسبق: مصر تتمسك بمحددات تسوية القضية الفلسطينية.. ولم أشك لحظة في ردها الحاسم, اليوم الخميس 6 فبراير 2025 09:05 مساءً
قال السفير جمال بيومى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أمين عام اتحاد المستثمرين العرب، إنّ مصر تتمسك بثوابت ومحددات لتسوية القضية الفلسطينية، وإنه لم يشك للحظة واحدة أن رد مصر سيكون حاسماً برفض التهجير.
وأضاف، خلال حوار لـ«الوطن»، أنّ مصر انتهجت منهج الدبلوماسية الهادئة ونجحت فى التأثير على الأحداث، لافتاً إلى أن القضية الفلسطينية لن تنتهى إلا بالحل العادل، ويجب أن نستعد لمعركة سياسة النفس الطويل، وأن وضع القضية الفلسطينية سيئ للغاية، فى ظل حكومة نتنياهو، ليس لأنها يمينية متطرفة وإنما لأنها جاهلة، ومصر أكبر من أن يُفرض عليها شىء، وخلال التاريخ لا يوجد أحد فرض علينا شيئاً، ونحن نتمسك بثوابت ومحددات التسوية السياسية للقضية الفلسطينية ونقف أمام اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم.
وأوضح أن فوز «ترامب» فى عام 2017 كان حدثاً استثنائياً وغريباً، أمّا فوزه الثانى فيعبر عن شىء أكبر وأكثر، سيكون الأكثر استمراراً وتأثيراً على العالم حتى بعد نهاية ولايته، ففى ظل «ترامب» سنشهد عصراً جديداً صعباً وقاسياً، إضافة إلى أنه سيستمر فى دعم إسرائيل، وفق سياسة غربية أوروبية أمريكية ثابتة، وقال إن نابليون بونابرت أول من فكر فى زرع إسرائيل فى هذه المنطقة لفصل المشرق العربى عن المغرب العربى ولكى تكون «عسكرى المرور» الذى يحقق إرادته.
كيف ترى مخطط تصفية القضية الفلسطينية.. وما تفسيرك لتصريحات «ترامب» بشأن ضرورة استقبال مصر والأردن للفلسطينيين؟
- مصر تتمسك بثوابت ومحددات التسوية السياسية للقضية الفلسطينية، ولم أشك للحظة واحدة فى ردها الحاسم ورفض تهجير الفلسطينيين، الذى جاء سريعاً وواضحاً، وبالمناسبة هذه ليست المرة الأولى، فقد كان هناك العديد ممن تحدثوا عن صفقات وعرضوا مليارات على مصر لقبول ذلك، ولكننى لم أصدق أن مصر ستقبل نهائياً بتلك العروض، وفى بداية عملى بالسلك الدبلوماسى فى الإدارة الثقافية بوزارة الخارجية، كنت مسئولاً عن رصد الدعاية ضد مصر وضد الإسلام والعرب، وخلال عملى فى إدارة إسرائيل بوزارة الخارجية، اكتشفت أننا دون أن ندرى نكرر لغة العدو، بسبب الترجمة الحرفية، فأصدرت قراراً بعدم استخدام لغة العدو، ومصر لن تقبل بأى وضع تصريحات «ترامب»، ليس لأننا لن نحتمل مهاجرين، فكما قال الرئيس السيسى إننا نستضيف بالفعل تسعة ملايين ضيف، ولم نعتبر السودانيين أو السوريين لاجئين أو هجرة، ولم نبلغ منظمة الهجرة العالمية، ونستطيع أن نستضيف أكثر وأكثر، لكن رفض ما صرح به «ترامب» نابع من رفض تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية، وسبق أن صرح الرئيس السيسى بأن التهجير القسرى تجاه مصر أو الأردن سنعتبره إعلان حرب، وأفضل شىء أن مصر تتبع الدبلوماسية الهادئة.
ماذا تعنى الدبلوماسية الهادئة؟ وكيف نجحت مصر فى اتباع هذا الأسلوب؟
- الدبلوماسية الهادئة تعتمد على التأنى فى التصريحات، مثلما تفعل مصر فى قضية غزة وإسرائيل، لا نتحدث كثيراً، وهذا مكّن مصر من التواصل مباشرة مع السلطات الإسرائيلية وأجهزتها لتمرير مساعدات إلى غزة من خلال الإسقاط الجوى، فما كان هذا ليحدث إلا بالتنسيق، فهناك من يريد لمصر أن ترفع صوتها وتعلن سحب السفير وقطع العلاقات، وهذا أمر غير جيد بالمرة، فهل نحن لدينا مشكلة مباشرة مع إسرائيل؟، الإجابة لا، وهذا يعود إلى ذكاء الرئيس السادات منذ معاهدة السلام، وأنه يستطيع أن يكسب بالسلام أكثر من القوة والحرب.
وهل يمكن أن تنتهى القضية الفلسطينية؟
- أرى أن القضية الفلسطينية لن تنتهى، فهناك ظاهرتان؛ الأولى أن معدل المواليد الفلسطينيين أعلى بكثير من معدل مواليد الإسرائيليين، والظاهرة الثانية التى حدثت منذ حرب 7 أكتوبر 2023، هى الهجرة العكسية لأكثر من نصف مليون يهودى من صفوة العقول الإسرائيلية قصدوا «تل أبيب» معتقدين أنها الأرض الموعودة، ولكنهم لم يجدوا ذلك على أرض الواقع، وفيما يخص «ترامب»، فإننى أمضيت ليلة من أسوأ ليالى حياتى يوم تنصيبه فى 20 يناير، وأنا إنسان بلغت من العمر الكثير، وقد التقيت العديد من الناس، منهم من يقول كلاماً عظيماً، ومنهم من هو غير متزن، لكننى لم أسمع حديثاً غير متزن مثل الذى سمعته من هذا الرجل، فلا يوجد أحد يعرفه أو لا يعرفه إلا وأغضبه بتصريحاته.
وما النقاط التى توقفت أمامها فى خطاب «ترامب»؟
- خطاب «ترامب» فى تنصيبه جاء مفاجئاً بقدر كبير، فقد خرق التقاليد والأعراف السياسية، بعدم ذكر الرئيس السابق بايدن بكلمة طيبة، بينما كان يجلس على بُعد خطوتين منه، ثم عدم الإعلان التقليدى عن مد يديه لمن صوتوا له أو ضده على حد سواء، بل كان خطاباً مليئاً بالتشفى والنية الواضحة فى التنكيل بخصومه، وهو ما يعبر عن فلسفة جديدة للحكم وتجاهل قواعد القانون الدولى التى شكلت الإطار الحاكم للعلاقات الدولية منذ منتصف القرن الماضى، بما فى ذلك مبدأ سيادة الدولة، وإعلانه نية الولايات المتحدة الانسحاب من المنظمات الدولية التى لا تأخذ مواقف متفقة مع سياساتها، كما أعلن العدول عن كثير من السياسات الداعمة للبيئة، والانحياز لتنشيط الصناعة واستخراج المواد الطبيعية دون اعتبار لمصلحة الإنسانية فى حماية البيئة، والعمل على تنفيذ السياسات الاقتصادية التى تحقق منافع مباشرة للولايات المتحدة بمنهج أمريكا أولاً، أياً كان أثرها السلبى على الاقتصاد العالمى وعلى التجارة والاستثمار الدوليين، والعدول عن منهج العولمة الذى قاد التفكير الاقتصادى العالمى منذ السبعينات، والانتقال بالولايات المتحدة من بلد جاذب للمهاجرين ومشجع لانخراطهم إلى دولة ذات أسوار عالية وبوابات منيعة لا ترحب إلا بمن له حاجة فى سوق العمل أو سيضيف للمجتمع والاقتصاد، والتعامل مع مبدأ سيادة القانون بشكل أقل قطيعة، ليس باعتباره أساس تنظيم المجتمع، بل واحد من أسس متعددة ومتصارعة لتنظيمه، مع القوة والسلطة والنفوذ المالى والاعتبارات العملية التى قد ترتفع فوق العدالة معصوبة العينين.
لكن كل هذا سبق أن أعلن عن الكثير منه أثناء حملته الانتخابية ومع ذلك تم انتخابه.
- الدعاية الانتخابية شىء، وخطاب التنصيب الذى يوضح منهجه الفعلى فى الحكم شىء آخر، فهذه أسس فكرية مختلفة جذرياً، ليس فقط عن تلك التى انتهجها الرئيس السابق، بل وعن الاتجاه العام الذى ساد مع الأنظمة الغربية حتى تحت حكم الحكومات اليمينية التى ربما انتهجت سياسات اقتصادية محافظة، ولكنها لم تتبنَّ بهذا الوضوح رؤية شاملة ومغايرة لأسس الليبرالية الغربية المستقرة، وهذا لا يعنى أن الرئيس «ترامب» مخترع هذه الأفكار أو أنه جاء بجديد، بل لعله كشف الغطاء أكثر من غيره عن عجز الليبرالية التقليدية عن مواكبة تغيرات العالم الجديد، وعن إخفاء تناقضات متراكمة بين الأفكار المثالية والحالمة لطبقة حاكمة استراحت فى مواقعها، فإن فوز «ترامب» فى عام 2017 كان يبدو حدثاً استثنائياً وغريباً وعابراً، أما فوزه الثانى فيعبر عن شىء أكبر وأكثر استمراراً حتى بعد نهاية ولايته، عن تغير حادث فى الولايات المتحدة وخارجها، نحو عالم أكثر قسوة وأقرب إلى الصدام على الموارد وأبعد ما يكون عن أحلام العولمة والتكامل والأمن والسلم العالميين، فاستعدوا لأننا على أبواب عصر جديد صعب وقاسٍ.
وما موقف المؤسسات الأمريكية من قرارات «ترامب» المتوقعة؟
- فى أمريكا توجد أربع مؤسسات تحكم السياسة الخارجية؛ الرئاسة والكونجرس والخارجية والدفاع، الرئاسة والكونجرس نتوقع منهما أى شىء، لأنهما يحتاجان إلى الصوت الإسرائيلى فى الانتخابات، أما الخارجية والدفاع فيقرآن الملفات جيداً، فأثناء عملى فى «الخارجية» لم أجد صعوبة فى الحديث مع أى دبلوماسى غربى، وقد خدمت مع سفراء لأمريكا وكانوا يقولون لى اطمئن، فأمريكا وقت اللزوم إذا قالت لإسرائيل اصمتى ستصمت، بدليل أنه عندما حدث الغزو الأمريكى للعراق، قالوا لإسرائيل اخرسى نهائياً، ولم تخرج رصاصة واحدة من إسرائيل، لماذا؟، لأن تقديرها للرأى العام أن إسرائيل إذا دخلت هذه الحرب، الرأى العام العربى سيرفض، وهؤلاء هم الدبلوماسيون، أما البنتاجون فيرى أن أمريكا تخسر كثيراً على الأرض، خاصة التأييد العربى، بسبب انحيازها غير العادل لإسرائيل، وبذلك نجد أن هناك مؤسستين تواجهان مؤسستين فى الداخل الأمريكى.
كيف يمكن تقييم تأثير السياسة الأمريكية فى عهد «ترامب» على القضية الفلسطينية؟ وكيف ترى الوضع الحالى؟
- وضع القضية الفلسطينية سيئ للغاية فى ظل حكومة «نتنياهو»، وقد التقيت العديد من رؤساء الحكومات الإسرائيلية مثل رابين وشيمون بيريز، وكانت سياستهم وتصريحاتهم منطقية، وفى أوقات أخرى صريحة، حتى «شارون» انضبط فى آخر عهده، فما يقلقنى من حكومة «نتنياهو» ليس أنها يمينية أو متطرفة، وإنما لأنها حكومة جاهلة، فالقضية الفلسطينية لن تُصفّى، وحلها وارد، ويجب أن نستعد لمعركة سياسة النفس الطويل، لأن شكل القضية الفلسطينية فى عهد «ترامب» يتوقف على ما سنقبل به، وليس ما يريده «ترامب»، فلن يفرض علينا أحد شيئاً، والرئيس السيسى قال إن مصر أكبر من أن يفرض أحد شيئاً عليها، فعلى مدار التاريخ لا يوجد أحد فرض علينا شيئاً، فالأمريكان كانوا يقولون لنا إن 70% من التصويت المصرى فى الأمم المتحدة يكون عكس المواقف الأمريكية، وفيما يخص «ترامب» فلا تتوقع ما يقوله، لأنه يقول الشىء وعكسه.
وفى عهده هل سيستمر فى دعم المواقف الإسرائيلية؟
- سيستمر فى دعم إسرائيل دعماً مطلقاً، وفق السياسة الغربية والأمريكية، وأول من فكر فى زرع إسرائيل فى هذه المنطقة كان نابليون بونابرت، عندما فشل فى اقتحام عكا، فقرر دعوة الجاليات اليهودية الأوروبية إليها، لتسكنها بغرض فصل المشرق العربى عن المغرب العربى، وأن تكون «عسكرى المرور» الذى يحقق إرادته.
وماذا تريد أمريكا من هذا الدعم الدائم لإسرائيل؟
- نفس ما أراده «نابليون»؛ فصل المشرق العربى عن المغرب العربى، وأن تظل مسيطرة على الموقف فى المنطقة وتُنهك القوى، وتستولى على البترول، وسبق أن كتبت مقالاً بعنوان «أكبر سرقة فى التاريخ»، تناولت فيه اجتماعاً مع رئيس أركان حرب القوات البريطانية، وضم قامات دبلوماسية عديدة، وتحدث رئيس الأركان بتعالٍ، وطلبت التعليق بعد أن تحدث، وقُلت له عندما كنت فى أحد امتحانات السنة النهائية بالجامعة سألنى أستاذى سؤالاً: حلل المواقف البريطانية فى مختلف الأزمات السياسية والحروب اعتباراً من مؤتمر فيينا عام 1825 حتى الحرب العالمية الثانية؟ فلم أجد مواقف نهائياً، فهى دولة بلا مبادئ، فلدينا مبدآن فى الحكم؛ الأول حق الشعوب فى أن تحكم نفسها، والثانى، وهو ضد الأول، الحق الإلهى للملوك، فعندما قامت ثورة فى اليونان ضد الملك، رفضتها بريطانيا بسبب الحق الإلهى للملوك، وعندما قامت الثورة فى الصين ضد الإمبراطور، كان موقف بريطانيا هو حق الشعب فى تقرير المصير، إذاً بريطانيا تبحث عن مصالحها فقط، وهى سياسة الأنانية المطلقة، فهم مجموعة من اللصوص يبحثون عن الثروة فى كل مكان، وهذا هو مبدأ الفكر الغربى.
ما تقييمك لدور مصر تجاه القضية الفلسطينية؟
- مصر تواصل عطاءها ودعمها لفلسطين، ومنذ ألفى عام، عندما جاء الهكسوس وغزوا اللاذقية، خرج الجيش المصرى، بقيادة أحمس، وعقد معهم أقدم معاهدة فى التاريخ، وكذلك صلاح الدين الأيوبى خرج ومنع الحملة الصليبية من احتلال فلسطين، وفى العصر الحديث بداية من جمال عبدالناصر وحتى الآن ما زال الدور المصرى قائماً للحفاظ عليها، ولن يفرض أحد أمراً لا تقبله مصر لأنها تتمسك بثوابت ومحددات التسوية السياسية للقضية الفلسطينية وتقف أمام اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم.
كيف ترى تأثير الأحداث على المنطقة؟
- سيئ للغاية، ويعتبر استنزافاً للقدرات، وهناك ثلاثة أطراف مستفيدة من استمرار التوتر؛ الأول المجموعة المتطرفة فى إسرائيل بقيادة «نتنياهو» وأعوانه، والثانى أمريكا والغرب بسبب ما سبق وذكرناه، والثالث صناعة السلاح، ولست أنا من يقول بل أحد وزراء خارجية أمريكا السابقين، الذى كتب كتاباً بعنوان «حرب أو سلام»، أكد فيه أن إسرائيل قائمة على غير سند أو قانون أو منطق أو تاريخ، وتقوم بدور العميل، وأيضاً فى آخر خطاب لأيزنهاور، الرئيس الأمريكى الأسبق، قال احترسوا من التحالف بين صانع القرار السياسى فى الغرب وبين صانع السلاح، فصانع السلاح يرغب فى الحروب، وبالتالى لا يوجد إلا مناطق بعيدة عن الغرب ومنها المنطقة العربية.
هل «ترامب» قادر على إنهاء الصراع؟
- لا يوجد شىء مضمون على الإطلاق، وبالمناسبة «نتنياهو» لن يرغب فى وقف الحرب لأنه فى اللحظة التى تتوقف فيها الحرب، ستتم محاكمته لأنه مطلوب فى قضايا عديدة.
وكيف ترى تصريح «نتنياهو» بأنه سيغير شكل الشرق الأوسط؟
- سبق أن قُلت لشيمون بيريز إنكم تريدون السيطرة على العالم العربى، فضحك وقال لى إننا لا نستطيع أن نسيطر على أنفسنا، فإسرائيل تضم 72 جنسية، ولا يوجد ما يجمعهم، ولذلك يتعلمون العبرية ليجدوا ما يجمعهم، فاليهودى الروسى مثلاً لا يحب اليهودى الألمانى.
كيف ترى الانقسام وتداعياته على القضية الفلسطينية؟
- فى الموقف العربى عموماً يوجد عدد من الثقوب، من بينها «حماس» لأنها خرجت عن الشرعية الفلسطينية من وقت ياسر عرفات، وسبق أن قال لى وزير فلسطينى إن «حماس» لا تريد استقلال فلسطين وإنما هدفها إمارة إسلامية فى غزة، فماذا يستفيد الإسلام من إمارة بها 2 مليون مسلم فى ظل هذا الحصار؟ أما الثقب الثانى فهو حزب الله الذى يعتبر دولة داخل الدولة أيضاً، وكان يحارب دون تنسيق مع حكومته أيضاً، والثقب الثالث الحوثيون فى اليمن، وكذلك الوضع فى سوريا، الذى يعتبر أعقد مشكلة الآن.
كيف ترى منهج الدبلوماسية الهادئ فى ظل هذا الوضع؟
- الدبلوماسية المصرية هى الأنجح، ولا يوجد أحد اختلف مع السياسة الخارجية المصرية إلا وندم وعاد ليسير على نهجها حتى ولو بعد عشرين عاماً، والرئيس السيسى منحه الله القبول، فهو متواضع وخرج من مؤسسة وطنية محترمة، وبعد ثورة 30 يونيو العالم أجمع بات يخشى من مصر، لدرجة أن الاتحاد الأفريقى جمد عضويتنا، وذهب الرئيس فى بداية حكمه إلى «دافوس»، والتقى مع أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية وقتها، وتحدثا معاً، فدعته إلى زيارة «برلين»، والسفير الألمانى المكلف بتنسيق الرحلة، قال لى فى لقاء إن المستشارة الألمانية معجبة بالرئيس السيسى، فالرئيس نقل الدبلوماسية نقلة كبيرة، كنا محرومين منها منذ أواخر عهد «مبارك»، فبعد محاولة اغتيال «مبارك» فى «أديس أبابا»، قرر، لأسباب أمنية، عدم دخول أفريقيا، وتوقف عن السفر، فحرمنا بسبب ذلك مما يسمى دبلوماسية الرئاسة، وهى من أهم أسلحة الدبلوماسية الخارجية، فحضور الرئيس يدفع العلاقات بشكل أكبر بكثير، وهذا ما أضافه الرئيس السيسى، حتى إنه زار غينيا الاستوائية، وكنت فيما مضى سفيراً غير مقيم فى هذه الدولة ووضعها كان سيئاً للغاية، من غياب الخدمات الأساسية، وانقطاع المياه، والكهرباء، فماذا فعل الرئيس السيسى فى هذا الأمر؟ أخذ معه فى أول زيارة شركة المقاولون العرب لمساعدتهم، فلا يوجد بلد لم يزره الرئيس، وهذا ينعكس علينا أمنياً وسياسياً واقتصادياً.
بصفتك أمين عام اتحاد المستثمرين العرب كيف ترى أهمية الدبلوماسية بالنسبة للاقتصاد؟
- سبق وحضرت اجتماعاً مع الرئيس مبارك، وكان يرغب فى متابعة تطور المفاوضات مع الاتحاد الأوروبى بشأن إحدى الاتفاقيات، وكان الاجتماع موفقاً فى تبادل المعلومات والآراء، رغم أن تساؤلاً غير معلن كان يدور فى أذهان بعض الحضور، حول الحكمة فى أن تدير وزارة الخارجية المفاوضات بشأن اتفاق يعتقد البعض أنه ذو طابع اقتصادى، وأوضحنا فى المناقشة أن الاتفاق ينظم العلاقات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والثقافية والاجتماعية، ومسائل حقوق الإنسان، والبيئة وتقريب التشريعات، فضلاً عن الحوار البرلمانى، والجوانب القانونية لمحاربة الجريمة المنظمة، المتمثلة فى الإرهاب وتجارة المخدرات، والاتجار فى البشر والهجرة غير المشروعة، وغسيل الأموال، وفى الاجتماع أشار البعض لصعوبة المفاوضات، وكيفية بناء موقف يعبر عن عموم مصالح مصر، وعلق وزير الصناعة الأسبق المهندس سليمان رضا متعاطفاً مع موقف الجانب المصرى والصعوبات التى يقابلها فى التفاوض مع طرف أوروبى مؤهل ولديه إمكانات أكبر، ولم يعجب الرئيس بهذا الكلام.
وماذا فعل؟
- علق متسائلاً: هل نحن فى الجانب الغبى الذى لا يفهم؟ وأشار إلىّ طالباً رأيى، فقلت إننى مسئول أن أقرر أمام الرئيس حقيقة، وهى أن أصغر مفاوض فى الجانب المصرى متمكن من تفاصيل الاتفاق والمواقف حوله، أكثر من كبير المفاوضين الأوروبيين وزملائه، ذلك لأننا مجموعة من الوطنيين يتفاوضون مع مجموعة من الموظفين لا حول لهم ولا قوة، وتقف وراءهم 15 دولة أوروبية تختلف مواقفها ومصالحها، بينما ندرك نحن أن كل طن إضافى نصدره من المواد الزراعية يوفر أربع وظائف ويفتح أربعة بيوت، فقال الرئيس على الفور: أنا يعجبنى هذا الكلام، وقناعتى بأن الدبلوماسى، بل والمسئول عموماً، يجب أن يكون مستعداً لإدارة حوار إيجابى حول موضوعاته، ولا ينزعج من اختلاف الآراء، فالواقع أن اختلاف الرأى لا يجب أن يفسد الود بين المختلفين، بل قد يزيد المودة إذا أحسنت إدارته، وألاحظ، بعد سنوات طويلة من العمل فى السلك الدبلوماسى المصرى، أن الدفاع عن مصالح مصر والترويج لها ليس بالمهمة الصعبة على المحترف، فقد تعددت اختيارات مصر منذ القدم وحتى الآن.
0 تعليق